موضوع: تأملات فى قوله تعالى (وشاورهم فى الامر ) الخميس أغسطس 28, 2008 9:37 am
أدب الله تبارك وتعالى نبيه المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) على أجل الاخلاق وأكملها وهو بدوره أدب أمته عمليا" على هذه الأداب والفضائل قال تعالى ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا" غليظ القلب لانفضوا من حولك فأعف عنهم وأستغفر لهم وشاورهم في ألامر ) ال عمران 159 . وهذه تأملات التقطتها من بعض كتب التفسير في قوله عز وجل ( وشاورهم في الامر ) قال صاحب الكشاف ( 1/431 ) : وشاورهم يعني في أمر الحرب ونحوه ، مما لم ينزل عليك فيه وحي لتستظهر برأيهم لما فيه من تطييب نفوسهم والرفع من أقدارهم أ . هـ . ويطرح العلامة الرازي في مفاتيحه ( 9/69 ) تساؤلا" فيقول : فان قيل : فما الفائدة في أنه تعالى أمر الرسول بمشاورتهم ؟ فالجواب من وجوه منها :ـ الاول : أن مشاورة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) توجب علو شأنهم ورفعه درجتهم وذلك يقتضي شدة محبتهم ، واخلاصهم في طاعته ولو لم يفعل ذلك لكان ذلك أستهانه بهم فيحصل سوء الخلق والفظاظه . الثاني : أنه ( صلى الله عليه وسلم ) وان كان أكمل الناس عقلا" فلا يبعد أن يخطر ببال أنسان من وجوه المصالح ، ما لا يخطر بباله ، لا سيما في فعل من امور الدنيا . الثالث : قال الحسن البصري وسفيان بن عيينه : أنما أمر بذلك ليقتدي به غيره في المشاورة ويصير سنه لامته . الرابع : وشاورهم في الامر لا لتستفيد منهم رأيا" وعلما" ولكن لكي تعلم مقادير عقولهم وأفهامهم ومقادير حبهم لك واخلاصهم في طاعتك فحينئذ يتميز عندك الفاضل من المفضول . وكان ( صلى الله عليه وسلم ) يشاور اصحابه في الحروب وغيرها روى الامام أحمد أنه قال لابي وعمر : ( لو أجتمعتما في مشورة ما خالفتكما ) . وروى ابن مردويه في تفسيره قال : سئل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن العزم فقال : ( مشاورة أهل الرأي ثم أتباعهم ) كما في تفسير ابن كثير ( 1/420 ) . ونقل الامام القرطبي في تفسير الجامع لاحكام القرآن ( 4/249 ـ250 ) عن ابن عطيه قوله : والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الاحكام ، من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب . هذا ما لا خلاف فيه ، وقد مدح الله المؤمنين بقوله تعالى وأمرهم شورى بينهم ) الشورى 38 . قال أعرابي : ما غبنت قط حتى يغبن قومي قيل : وكيف ذلك ؟ قال : لا أفعل أمرا" حتى أشاورهم . وفال ابن خويز منداد ( من أئمة المالكية ) : واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون ، وفيما أشكل عليهم من امور الدين ، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب ووجوه الناس فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها وكان يقال : ما ندم من أستشار وكان يقال : من أعجب برأيه ضل . سائلين الله عز وجل في علاه أن يعصمنا من الزيغ والضلال وان يوفقنا للتفقه في كتابه وسنه نبيه الصادق محمد صلة الله عليه وسلم .